حق للرجل…ممنوع للمرأة

المقارنةحق للرجل و ممنوع على المرأة

المقارنة بالغير ذاك الأسلوب الذي قد يراه البعض محفزًا في حين يراه آخرون مثبطًا جارحًا، خاصة النساء اللواتي يتهمن أزواجهن بتعمد استخدام هذا الأسلوب في كل صغيرة وكبيرة في الوقت الذي يُعدّ استخدام الأسلوب ذاته مع الرجال جريمة تمس كرامتهم. «سيدتي» نقلت الاتهام لعدد من الرجال والنساء؛ لتتعرف إلى وجهات نظرهم حيال الموضوع، وما إذا كان هذا الأسلوب مقبولاً عند البعض أم مرفوضًا على الإطلاق؟

مشاعل متزوجة منذ ثلاث سنوات، وتشتكي من زوجها الذي يقارنها دومًا بغيرها من النساء سواء كنّ قريباته، صديقاتها، أو حتى ممن يظهرن على شاشات التلفاز. تقول مشاعل: «يريدني أن أطبخ مثل فلانة، وأتصرف في عملي مثل فلانة»، وتشعر مشاعل بأنّ أسلوبه يأتي أحيانًا عفويًا كنوع من التحفيز، وأحيانًا كنوع من أنواع الانتقاد وتثبيط همتها.. إلا أنّ أسلوبه دومًا يحرجها ويضايقها، بل ويقلقها كثيرًا. وتضيف مشاعل: «المشكلة الحقيقة أني عندما أحاول مقارنته بغيره من الرجال يثور ويغضب ويصرخ قائلاً: «أنا لن أكون مثل فلان، فأنا لا أشبه سوى نفسي، ولا أريد أن أتشبه بغيري». ..

آراء الرجال
يقر الإعلامي عبد العزيز الإنديجاني الاتهام، ويرفض ممارسته من قبل الرجل قائلاً: «هو اتهام صحيح، فكثير من الرجال بعد فترة من الزواج يبدأ بمقارنة زوجته بالأخريات، وأنهنّ أجمل أو أفضل أو أعلى درجة في التعليم منها، أو أنها جميلة وغنية وما إلى ذلك… هؤلاء الرجال في نظري هم مرضى نفسيون، يحتاجون للعلاج، وإلا كيف يقارن من اختارها شريكة حياته بأخرى ويصفها بأنها أقل منها؛ فالرجل السوي هو الذي تتولد عنده القناعات بمن اختار، ومن أساسيات ومبادئ الحياة الزوجية احترام هذه العلاقة المقدسة في التعامل والممارسة، ولابد من الإحساس بمشاعر الزوجة، وعدم الزج بها في مقارنة مع الأخريات، وحتمًا الإنسان بشكل عام لا تكتمل فيه الصفات كلها، وليس الكمال صفة مطلقة، وكثير من الرجال يمارسون درجات السقوط في إزعاج زوجاتهم بالمقارنات، خاصة حين يشاهدون القنوات الفضائية، فيبدؤون بالهمز بمدح من يظهرن على الشاشة ما يجعل زوجاتهم لا يثقن في أنفسهنّ، فيبدأن مشوار التعب والألم في محاولة إرضاء أزواجهن، ولكي يكنّ مثل تلك الممثلة أو تلك التي يقارنها الرجل بها، فتسقط الزوجة في الحيرة المبهمة، وتلجأ إلى مراكز التجميل لتبدأ في تغيير شكلها، وهنا تبدأ رحلة المعاناة؛ لذا آمل من الرجال الكف عن ممارسة هذا الاستفزاز؛ لأنه يؤدي إلى نتائج عكسية.

ويرجع محمد العقيل (مترجم) الأمر إلى رواسب جاهلية، حيث يقول: «مع الأسف هذا الأمر حاصل في بيوتنا العربية، حيث مازلنا نحتفظ في تعاملاتنا برواسب جاهلية، ومازالت مجتمعاتنا تحكمها النظرة الذكورية التي تتيح للرجل ما لا تتيح للمرأة، فنسبة كبيرة من الرجال تتعمد هذا الأسلوب في التعامل مع زوجاتهم كنوع من إثبات الذات والهيمنة، بغض النظر عن عواقب هذا الأسلوب وسخافته وتأثيراته النفسية السلبية، والمضحك أنّ الرجال في مجتمعاتنا يرفضون المقارنة من قبل الزوجات؛ حيثُ يعتبرون الأمر إهانة وانتقاصًا من رجولتهم، فهو أمر لا يتقبلونه ولو على سبيل المزاح».

ويقول الدكتور إبراهيم العنزي (مستشار اجتماعي): «غالبًا ما تأتي المقارنة من الرجل عندما يشعر بالإهمال من الأنثى، فالزوجة عندما تهمل في منزلها أو في شكلها، خاصة فيما يتعلق باللبس والماكياج وتسريحات الشعر، تجعل نفسها عرضة للمقارنة من قبل الزوج بفلانة من الفنانات أو المذيعات أو غيرهنّ، وهنا أقول: إن على المرأة أن تتصف بالذكاء، وتدرك حاجات الزوج وما يفضله وما يكرهه؛ حتى تشبع طموحه قبل أن ينظر لغيرها، ويقارن أو يخون ويحدث ما لا يحمد عقباه»، ثم يستدرك: «ولكن هذا لا يعطي الزوج حق استخدام المقارنة أبدًا؛ فعملية المقارنة في حد ذاتها خاطئة، فالله خلق الناس لكل منهم شخصيته المستقلة عن غيره، واختلاف الشخصيات كاختلاف البصمات تمامًا.

آراء النساء
توافق الإعلامية عائشة الفلاتة على هذا الاتهام، فتخبرنا قائلة: «هذا اتهام صحيح وصريح، وفي رأيي، الرجال ليس لهم الحق في مقارنة الزوجة بغيرها مهما حدث؛ لأنّ هذا أسلوب غير راقٍ، في حين أنهم يرفضون تمامًا أن تقارنهم الزوجة برجل آخر، ما يولد لدى الزوجين مشاكل عائلية لا تنتهي أبدًا؛ فالجميع يعرف أنّ الرجل من باب الغيرة يغضب عندما تذكر زوجته اسم رجل آخر، وخاصة إذا كانت تقارنه به وتتحدث عن محاسنه، ولذلك فالأولى من الطرفين البعد عن مثل هذه المقارنات التي ليس لها أي فائدة».

في حين تخبرنا المُحللة الإستراتيجية ومستشارة التخطيط الدكتورة نوف الغامدي عن رأيها قائلة: «حقيقةً الاتهام فيه ظلم لفئة كبيرة من الرجال؛ فليس كل رجل يقارن زوجته بامرأة أخرى، كما أنّ المقارنة ليست من باب التفضيل أو الترجيح، ولكنها أحيانًا تستخدم كنوع من أنواع إثارة حفيظة المرأة وغيرتها. فـبعض السيدات بعد الزواج ينشغلن بالأمور العائلية لدرجة نسيان حقوق الرجل وإشباع رغباته الفكرية والمعنوية، فتهمل مظهرها ولباقتها، وتنسى أنّ زوجها هو أحد أطفالها بل وأهمهم أيضًا، والرجل طفل مدلل، لا يكل ولا يمل من اهتمام المرأة ودلالها له. لذا قد يعمد لهذا الأسلوب إذا شعر بالإهمال». لكنها تستدرك بقولها: «كما أنّ الرجل لابد وأن يراعي أيضًا الهموم الملقاة على عاتق المرأة ومحاولة مداعبة غيرتها دون المساس بـكرامتها أو جرح مشاعرها؛ فـالمقارنة الجارحة قد تؤدي لنتائج عكسية لدى المرأة… وأيضًا الرجل، وخصوصًا الرجل الشرقي لا يقبل مقارنته بآخر مهما كانت الأسباب، ويعدّها مباشرة إهانة لرجولته، والمرأة الذكية هي من توصل المعلومة بكل لباقة بعيدًا عن الندية التي تثير غضبه وتقلل من شأنه».

أما الدكتورة بلقيس داغستاني الأستاذ المشارك برياض الأطفال في جامعة الملك سعود فتقول: «يتضايق كل من الزوج أو الزوجة من المقارنة؛ لأنه يتولد لديه أو لديها شعور بالدونية والإحباط وعدم تقدير الطرف الآخر له ولمجهوداته ومشاعره، فقد يلجأ الزوج لمقارنة زوجته بغيرها من النساء بسبب الانفتاح الإعلامي وتقدم وسائل الاتصال، وقد يتخذ بعض الأزواج هذه الطريقة كمبرر لهم لإقامة علاقات غير مشروعة خارج الإطار الزوجي وتخفيف الشعور بالذنب، فيعمد إلى هذه المقارنات السلبية». أما عن مقارنة المرأة لزوجها بغيره فتخبرنا داغستاني: «الرجال بطبعهم لا يحبون من يقارنهم بغيرهم، ويعدّون ذلك تعديًا على كرامتهم، فالرجل يحب في المرأة أن تشبع شعوره بالأهمية والتميز والإعجاب برجولته، ويسعى لإثبات ذلك، فعلى سبيل المثال: هناك امرأة كثيرًا ما تمتدح زوج أختها في كرمه وحلمه ولباقته، وكلما أحضر زوجها لبيته شيئًا ما أو هدية أحبطته المرأة بقولها: زوج أختي أحضر كذا وكذا، الأمر الذي جعل الزوج يطلب من زوجته مغادرة المنزل إلى بيت أهلها أو إلى منزل أختها؛ لينفق زوج أختها عليها (يقول ذلك من باب السخرية والتأنيب)»، وتنصح الداغستاني الزوجين قائلة: «لابد من استخدام أساليب ذكية ومؤثرة إيجابيًا في محاولاتهما؛ لإكمال النقص عند الطرف الآخر بحيث لا تخلو من تشجيع وامتداح، وأن يكون النقد عادة بعيدًا كل البعد عن التشخيص بما يمس الكرامة»

مقالات ذات صلة